ترجمة: ريوف المطوع
في الثاني والعشرين من كانون الثاني لسنة 1919 ميلادية, تلقت مارغريت ميتشل من والدها -وهي فتاة في التاسعة عشر من عمرها خلال سنتها التحضيرية في الجامعة- خبر مرض والدتها بوباء الإنفلونزا المميتة (الإسبانية) التي اجتاحت العالم في ذلك الوقت, كما طلب منها العودة للديار. بعد بضعة أيام, استجابت لأوامر والدها واستقبلها أخيها في محطة القطار بأخبار مأساوية تفيد بإن والدتهما قد استسلمت للمرض وتوفيت في اليوم السابق وفي طريق سفرهما في القطار أعطاها أخيها الرسالة التالية:
23/1/1919 عزيزتي مارغريت لقد تلقيتِ بالأمس خبر مرضي و كنت أفكر فيكِ طوال ذلك اليوم. أتوقع أن والدك قام بكتابة هذا الخبر بقسوة مستخدماَ أقلاماَ غامقة لتوضح ذلك. آمل أنني لست مريضة لتلك الدرجة التي كان يتوقعها. لدي التهاب رئوي في رئة واحدة,و لو لم تكن من مضاعفات الإنفولنزا لكان لدي فرصة أكبر للشفاء. السيدة رايلي لديها التهاب رئوي في كلتا الرئتين وهي الآن متعافية وبكل خير. لنتمنى الأفضل لكن تأكدي عزيزتي, اذا توفيت الآن فهو بالنسبة لي أفضل وقت للموت. بالتأكيد أود بضع سنوات أخرى لأعيشها, لكن لو كان لدي تلك السنوات لأعيشها فمؤكد أنني سأمكث طويلاَ. على أي حال, لا تتعاطفي معي فقد بدا لك إنني نبذت من الحياة, لكني حصلت على كل ما يستطيع العالم تقديمه لي, لقد عشت طفولة سعيدة وتزوجت الرجل الذي اخترته لنفسي. أحبني أطفالي بقدر ما أحببتهم, استطعت أن أربيهم وأقدم لهم كل ما يحتاجونه ليصبحوا متقدمين في الفكر والاخلاق وربما النجاح المالي. أتوقع أن أراك مرة أخرى لكن إن لم أستطع, فيجب أن أحذرك من خطأ قد تقع فيه امرأة من طرازك. كوني معطاءة مبسوطة اليد ومن كل قلبك لكن فقط بعد أن تعيشي حياتك. لقد وضعتها بشكل سيء لكن ما أعنيه هو أن هذه حياتك ونشاطاتها تنتمي لك أولا, ثم زوجك وأولادك. أي شيء يزيد بعد ذلك, قدميه لغيرهم وقدميه بسخاء, لكن تأكدي قبل ذلك أنك لم تهملي رعاية دارك. والدك يحبك ويعزك كثيراَ, لكن لا تفكري أن تبقي معه وتحرمي نفسك من الزواج إذا رغبتي بذلك. لقد عاش حياته, لذا عيشي حياتك لنفسك وبأفضل ما يمكن. كل من أطفالي أحبوني حباَ جارفاَ ولا أحتاج حتى لأتأكد من ذلك. لقد قدمتي كل ما تستطيعين من أجلي وأحببتني بكل الحب الذي يقدمه الأطفال لوالديهم. اعتني بوالدك عندما يتقدم به العمر, كما اعتنيتُ بوالدتي. لكن لا تجعلي أبيك أو حياة أي شخص آخر أن تعيق مسار حياتك. وداعاَ يا حبيبتي, وإذا لم تريني بعد ذلك فقد يكون من الأفضل أن تتذكريني كما كنت في نيويورك. أمك المحبة
وقد نشرت رواية ذهب مع الريح الكلاسيكية لمارغريت ميتشل بعد 17 سنة من زمن تلك الرسالة
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.