عالِم الأرصاد الوحيد

ثلاثون عاماً من العزلة

هل يقودك شغفك إلى ترك كل ما تعرفه جانباً مقابل البقاء وحيداً مع ما تحب؟ لو عُرض عليك البقاء في وظيفةٍ منفياً في آخر العالم، في مكان بارد كأبرد ما يصف الروائيون، والعزلة تهيمن على كيلومترات شاسعة، والليالي على مقربة من شارة الأبدية، وسكون صافٍ لا يعكره إلا هجيج الرياح وجنون العواصف، ربما متأخرًا عن العالم في كل شيء ، كأنك تقضي بقية عمرك داخل كبسولة زمنية في ثلاجة ما!

هل تظن أحدًا يفعل ذلك؟ والجواب أنه يوجد من يفعل ذلك ويبدو أنه يستمتع به! إنه عالم الأرصاد Slava Korotki الذي يعمل شمال روسيا في منطقة Khodovarikha ، والذي يقضي معظم أيامه الساكنة برصد الأجواء ودرجة الحرارة واتجاه الريح وبقية مهمات الطقس ليقوم بتبليغ جهته التي يتبع لها، مثلما فعل في الثلاثين سنة الماضية! تقول المصورة  Evgenia Arbugaeva أنها بدأت شغفها في حب الشمال البارد منذ أن كانت طفلة، فقد كان والدها يأخذها إلى مكاتب الأرصاد القريبة لقضاء بعض الوقت والاستمتاع بالطبيعة المجاورة للمكان، ولطالما لاحقت فكرة توثيق الناس الملتزمين بالجزء الشمالي بدافع الحب، فعادت عند الكبر للبحث عن المكاتب المميزة والتي تعيد إليها ذكريات طفولتها، فمرت خلال شهرين على 22 مكتب رصد لم تجد ضالتها فيها, باستثناء واحد كان هو الأبعد والأصعب ولا أحد يرغب بالذهاب إليه، وحين وصولها تفاجأت بأن المكتب تماما كما أرادت، فأقرب تعريف له أن الزمن توقف عن التحرك في ذلك المكان، حيث وجدت أن سلافا لا يزال يمتلك آلة مورس وصورة لرائد الفضاء يوري قاقارين أخذت من جريدة عام 1961م، في الصورة سترى قِدم الآلات ووسائل التواصل العتيقة والكثير من الوحدة!

0%